منذ عدت اسابيع وبعض المغردين والمحللين الأجانب يضعون التحليلات الفنية التي تشير ان البيتكوين متجه الى قيمة الصفر بعد كسر مستوى 5700 دولار وهي مستوى الدعم السابق , وأخذت هذه الافكار تنتشر ويتناقلها العديد من المغردين واصبح فجأة الجميع يفتون ويقررون المصير المحتوم للبيتكوين وللعملات الرقمية , في هذا المقال سنقوم بتفنيد هذه الأفكار والتي في رأينا لا تستند الى الموضوعية ويهدف أصحابها لتحقيق فرقعة إعلامية لجذب أنظار المتابعين لهم من حول العالم 

 

 

بداية يجب العلم ان مجرد وجود مثلث هابط  Descending Triangle وكسر الضلع السفلي له لا يعني ابدا فنيا الوصول الى الهدف خصوصا اذا كان الهدف خارج حدود المنطق كما سوف نفند ذلك لاحقا , يقول توماس بيلفوسكي في كتابة الشهير   Encyclopedia of chart patterns   وتحديدا في صفحة 730 انه بعد الاحصائيات ان نسبة الوصول للهدف في حال وجود سوق دببي مع كسر الضلع السفلي لا تتجاوز 50% , اذا بكل وضوح من يتحدث عن الصفر هو يسعى للفرقعات الإعلامية والاكثر غرابة ان لا يدرك حقيقة السلعة ويتعامل معها كمجرد سعر على صفحة التشارت , كمثال قبل عدت اسابيع قرأت تحليل يتحدث عن اتجاه الذهب الى اهدف دون 800 دولار ودون 500 دولار بناء على التحليل فني ؟؟!!

 

 

ماهو البيتكوين , وماهي الأسرار والغموض المحيط به , يعتمد البعض في نظرتهم السلبية تجاه البيتكوين تحديدا وباقي العملات الرقمية عموما على ان المؤسس ساتوشي ناكاموتو شخصية مجهولة غير معروف السيرة الذاتية , ثم تنتطلق الافكار وترتبط بخيوط المؤامرة والتي تصل جذوتها الى الماسونية والصهيونية خصوصا عند بعض الباحثين العرب , والذين يعتقدون أن العرب هم محور هذا الكون وأن الجميع يتأمر عليهم وأن اصول العالم الى زوال وانهيار بما فيهم الدولار ضمن اللعبة الماسونية الكبرى للسيطرة على العالم , ربما هذا هو الفرق الجوهري في النظرة الفكرية للعرب والتعاطي مع الأمور , ففي حين تلقف العالم الفكرة وسعى لتطويرها وتعميم استخدامات البلوكتشين في مختلف جوانب الحياة بما فيه العملات الرقمية وإحداث صناعة مالية لها توقف تفكيرنا كعرب عند حدود المؤامرة والإنكار

 

في الحقيقة الأفكار والابتكارات لا تموت بل تتطور , لقد قدم ساتوشي للبشرية كودا برمجيا مفتوحا لفكرة وليس لسلعة ( بالمعنى المفهوم ) تهدف الى حل مشكلة قائمة في التعاملات المالية بين الأفراد , اكتسبت هذه الفكرة الثقة المالية في التعامل بين مجموعة كبيرة من الأفراد من خلال منظومة كاملة تضم شبكة من ملاين المبرمجين والمنقبين والمستخدمين حول العالم , هذه الفكرة اللامركزية في التعاملات المالية تطورت بشكل كبير وربما اكبر من ما قد تخيله ساتوشي نفسه , لانها جأت لتحل مشكلة حقيقية قائمة وتفتح الأفاق للمستقبل المالي الجديد , من منا يذكر السيرة الذاتية لتوماس اديسون ولكننا كل يوم نرى باكورة اختراعه في المصباح الكهربائي والتي اوصلت العالم لافكار استخدام الاقمار الصناعية في إنارة المدن

 

لماذا لا يمكن للبيتكوين ان يصبح صفر

العملات الرقمية والبيتكوين بعد 2017 شهدت نقلة نوعية في حجم التعاطي معها على مستوى العالم ليس فقط من جانب الافراد بل من جانب المؤسسات المالية والاستثمارية حول العالم , حيث شهدنا تطور نحو صناعة المالية حقيقية من خلال

  • تأسيس العقود الأجلة وطرحها في بورصة شيغاغو من خلال CBOE & CME
  • توجه العديد من بيوت الاستثمار والبنوك العالمية مثل جي بي مورغن للاستثمار في الصناعة
  • توجه الشركات الكبرى لاضافة البيتكوين والعملات الرقمية كوسيلة دفع , علاوة على انتشار ماكينات الشراء والدفع الألية 
  • توجه العديد من المستثمرين من وال ستريت الباحثين عن استثمارات جديدة لا يكون لها ارتباط مباشرة NO Correlation  بحركة الاسواق العالمية والتغيرات في اسعار صرف العملات جعل العملات الرقمية والبيتكوين محط للأنظار كأداة تحوط مالي واستثمار مغري جديد
  • توجه العديد من البيوت الاستثمارية نحو هذه الصناعة من خلال ضخ مئات الملاين والمليارات في تأسيس بنيتها التحتيه مثل SBI Group  بما فيهم المتحكين في العالم المالي مثل جورج سورس وقائمة طويلة من الاسماء
  • احجام التداول اليومية الضخمة , فالبيتكوين مثلا يتداول باكثر من 6 مليار دولار يوميا , وكل اسواق العملات الرقمية  تتداول يوميا باكثر من 15 مليار دولار , وهذا الرقم ببساطة يعادل مثلا عشرة اضعاف حجم التداول اليومي لكل اسواق الاسهم المحلية لدول الخليج

 

اخيرا , كمقارنة بسيطة استطاعت اكتشينج واحده رقمية لشركة باينانيس ان تحقق ارباح عن العمليات من العمولات في الربع الاول 2018 تعادل 200 مليون دولار وهي تعادل ما حققته بورصة ناسدك من ارباح تشغيلية مقارنة بنفس الفترة , ولكن الطريف ان ناسدك احتاجت لتحقق هذه النتيجة خبرة تتجاوز ال 47 سنة واكثر من 4500 موظف , في حين ان منصة باينانيس حققت تلك النتيجة بخبرة اقل من عام وب 200 موظف فقط , بل اكثر من ذلك تفوقت بايناينس على نتائج اعمال دويتشه بنك العريق الذي حقق فقط 146 مليون دولار عن نفس الفترة وهو يعاني حاليا مشاكل قد يكون لها تأثيرات خطيرة على الاستقرار المالي للعالم , هذه المعلومة تعتبر اكثر من مغرية للكبار بيوت الخبرة والاستثمار لضخ استثماراتها لتطوير هذه الصناعة والاستفاده منها وضمان التوسع في انتشارها  

 

 

اذا , لا يمكن لكل هذا الزخم والصدا العالمي وكل هذا التوجه العالمي الاستثماري في الصناعة المالية للعملات الرقمية أن يكون مجرد هواء وهراء , وان تكون البيتكوين كما يتخيلها البعض مجرد لعبة ضحك بها البعض على العالم , فمع كامل احترامي لاصحاب هذا الرأي ففيه تسخيف لقدرات ورؤية كبار المستثمرين والبنوك والمؤسسات المالية حول العالم , فهل اصحاب هذا الرأي يملكون من الخبرة والحنكة المالية ما لا تملكه هذه المؤسسات ؟؟!! , ولعلها مدعاة للسخرية بأن يدعي احد ما بأن البيتكوين القائد العظيم سيتجه الى صفر بل ان احدهم قال تحت الصفر اذا خصمت منه الضرائب , خصوصا اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان البيتكوين نفسة كوحدات متاحه هي اخذه بالتناقص سنويا لتصل الى حد التوريد الاقصى البالغ 21 مليون وحده فقط , ومع تزايد الطلب المتنامي عليها مع توسع انتشار الاستخدام لا يمكن تصور ان اسعار البيتكوين ستبقى دون تشكيل قمم جديدة اعلى بكثير من 20 الف دولار وفق مبدأ العرض والطلب

 

يضاف على ماسبق , انه فعليا ورغم كل هذه الفرقعات الاعلامية وتسليط الضوء على البيتكوين والعملات الرقمية هي في النهاية حاليا لا تشكل اكثر من 0.2% من حجم القيمة السوقية للاسواق العالمية التي تصل الى 80 ترليون دولار , كما ان حجم التبادل المالي اليومي لها لا يشكل اكثر من 2% من حجم المعاملات المالية اليومية التي تتم بالطرق التقليدية الحالية

 

 

اذا تشير الارقام والاحصائيات والمقارنات بشكل منطقي ان الحرب الضروس التي شنت وتشن حاليا على العملات الرقمية وكأنها اجتاحت العالم هي مبالغ فيها , ربما استشعر العالم المالي بالخطر القادم وحاول ان يضع القيود كي لا يفقد الكعكه من يده , وربما سعى البعض بما ليس له فيه من ناقة ولا جمل لتحقيق بعض الشهرة بالحديث عن العملات الرقمية سواء سلبا او ايجابا

 

من كل ما سبق أعتقد اننا في بداية الطريق فحسب وليس نهاية الطريق كما يعتقد البعض , فبما تمتلكه البيتكوين والعملات الرقمية القيادية من فرص كامنة وواعدة لا يمكن توقع اين ستكون القمم القادمة لذا اجدها شخصيا من اكثر المنتجات الاستثمارية المغرية على المدى المتوسط والطويل الاجل

 

فنيا

شهدنا هبوط اليوم للبيتكوين قرب مستوى 3600 دولار ثم عودة حاليا الى 3900 دولار

مع تسجيل مؤشر القوة النسبية RSI  ارقام لم يسبق تسجيلها منذ سنوات ومع تراجع زخم البيع وجود قوى شرائية تتمركز بين 3600 – 3200 دولار قد نرى انعكاس للحركة الهابطة , التشارت اعلاه يقول انه يمكن ان يكون هناك اكثر من سيناريو لحركة البيتكوين بما فيها رصد نموذج الوتد الهابط والذي سيعزز الحركة حال عودة السعر لتماسك فوق مستوى 4500 دولار

 

 

التوصية : الشراء من الاسعار الحالية عند 3800 دولار الوقف عند 3050 دولار الهدف الاول 6100 دولار , هدف ثاني 9900 دولار

 

كما اعتقد انه المهم الحديث عن الريبل والذي يمتلك فرص هائلة ولاحظ فنيا انه رغم تدهور معظم العملات الرقمية مؤخرا الا انه حافظ على تماسكه فوق قاعه المهم عند 25 سينت لانه في اعتقادي انه صنع انطلاقته الجديدة وهي مسألة وقت لا اكثر قبل توقع تحقيق مزيد من الارتفاعات بمجرد انتهاء الموجة الحالية السلبية الهابطة

 

اطيب امنياتنا بالتوفيق