تخالف الآسواق المالية حتى الآن التوقعات المتشائمة للمحللين؛ إذ توقع المستثمرون والمحللون موجة من التقلبات والأداء المتذبذب، مع توقعات بأن الأخبار السيئة قد تتسبب في صدمات للسوق. ومع ذلك، فإن الأمور حتى الآن تسير عكس التوقعات.

رغم أن الشهر عادةً ما يكون متوتراً خاصةً مع اقتراب الانتخابات، إلا أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500، استمر في الصعود، محققاً 45 رقماً قياسياً جديداً لعام 2024. هذا بالرغم من العوامل التي أثارت قلق المستثمرين مثل ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين، زيادة طلبات إعانات البطالة، ارتفاع عائدات السندات، وتوقعات بخفض أقل لأسعار الفائدة من الاحتياطي الفدرالي.

العوامل الرئيسية:

التضخم: لا يزال يتراجع بشكل أسرع من تباطؤ الاقتصاد، مما يشير إلى استقرار نسبي.

السياسة النقدية: بدأ الاحتياطي الفدرالي في خفض أسعار الفائدة على المدى القصير، تزامناً مع توقعات بزيادة الأرباح للشركات، وهو مزيج نادر الحدوث.

الناتج المحلي الإجمالي: يستمر في تجاوز التوقعات، مما يعزّز ثقة المستثمرين في قوة الاقتصاد.

أسواق الائتمان: تظل في حالة قوية جداً، مما يشير إلى استقرار النظام المالي.

التوقعات:
بالنظر إلى هذه المعطيات، فإن وجهة النظر التفاؤلية للمستثمرين حول أداء السوق على المدى الطويل لا تزال قوية. التوقع الجماعي بأن السوق سيشهد انتعاشاً بعد الانتخابات في نهاية العام يبدو على الأقل بنفس القوة التي كانت تتوقع تقلبات في أكتوبر/تشرين الأول، بحسب شبكة CNBC.

بالتأكيد، ما زال هناك متسع من الوقت في الشهر لتحقيق تصحيحات، ولكن في الوقت الحالي، تلك العوامل الأساسية المطمئنة، إلى جانب الاعتقاد الواسع بأن الاقتصاد في طريقه لهبوط هادئ، والمخاوف المتزايدة حول المخاطر الموسمية، قد أنتجت سوقاً نادرة تُعرف باسم «سوق 21-21-21»: حيث ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 21% منذ بداية العام، وبلغت نسبة السعر إلى الأرباح  أعلى من 21، فيما استقر مؤشر التقلب Cboe عند نحو 21.

يُعد هذا الارتفاع بنسبة 21.9% أفضل أداء يصل إليه المؤشر في هذه الفترة من العام منذ عام 1997، وأفضل أداء على الإطلاق في سنة انتخابية رئاسية. وتظهر المكاسب المتتالية على مدى خمسة أشهر (بالإضافة إلى خمسة أسابيع متتالية حتى الآن) نوعاً من الاستمرارية في الصعود التي لا تسبق عادةً انهياراً  في الاقتصاد الحقيقي.

في النصف الأول من العام، كان الجميع يدرك أن الشركات التكنولوجية العملاقة قادت بشكل كبير ارتفاعات المؤشر. لكن منذ 30 يونيو/حزيران، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ذو الأوزان المتساوية بنسبة 9.5%، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ارتفاع مؤشر ناسداك 100. وبينما يعرف بـ السبعة الرائعين من الأسهم الكبرى، فقد شهدت اختلافات كبيرة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو ما يشير إلى نهج استثماري أكثر تمييزاً وأقل اعتمادًا على مجموعة محدودة من الأسهم.

النتيجة هي سوق أكثر توازناً استطاعت تصحيح الارتفاع الكبير الذي شهدته أسهم التكنولوجيا ذات القيمة السوقية العالية دون كسر الاتجاه الصعودي الطويل الأمد لمؤشر ناسداك 100 بشكل حاسم.

معدل المخاطرة مقابل العائد

بينما تمكن السوق الأوسع من تسجيل أرقام قياسية، شهدنا تباطؤاً ملحوظاً في الزخم على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، مع اختبارات أكبر للانخفاضات وعرض أقل سخاءً فيما يتعلق بمعدل المخاطرة مقابل العائد. فالمستثمر الذي اشترى عند ذروة مؤشر ستاندرد آند بورز في منتصف يوليو/تموز، تعرض لخسارة سريعة بنسبة 8% خلال ثلاثة أسابيع. ومنذ 16 يوليو/حزيران، كان الارتفاع الإجمالي محدوداً بنسبة 2.6%.

نسبة السعر إلى الأرباح الآجلة للمؤشر، البالغة 21.8، تُعتبر مرتفعة بلا شك. ولم يتم الحفاظ على قراءات أعلى من ذلك خلال الخمسين عاماً الماضية، باستثناء فترتين: انفجار فقاعة الإنترنت في 1999-2000 والجولة الصاعدة المحمومة خلال جائحة كوفيد-19.

من الصعب تجاهل الحسابات التي تشير إلى أن العوائد طويلة الأمد ستكون مقيدة بالنسبة للمستثمرين الذين يدفعون الأسعار الحالية، رغم أن التقييم لا يعطي الكثير من الإشارات حول العوائد في المستقبل القريب. منذ عام 1990 تقريباً، ارتفعت التقييمات مع تحول المؤشر نفسه ليصبح أقل تقلباً وأكثر جودة، كما أن تدفقات الاستثمارات العامة أصبحت أقل حساسية للتقييم، في حين أصبح بنك الاحتياطي الفدرالي أكثر شفافية.

على المدى القريب، يشير هذا إلى أن أسعار الأسهم قد تكون متوافقة مع سيناريو «الهبوط الهادئ»، وهو السيناريو الذي سيتم تصديقه أو التشكيك فيه بناءً على الأدلة الواردة باستمرار.

ورغم ذلك، عندما ترتفع الأرباح ويكون بنك الاحتياطي الفدرالي في وضع تيسيري، كما هو الحال الآن، فإنه عادةً ما لا يكون هناك ضغط كبير على نسبة السعر إلى الأرباح في السوق.

وتتوقع شركة FactSet أن تتجاوز أرباح الربع الثالث التوقعات المخفضة بسهولة لتسجل نمواً سنوياً بنسبة 7%. وبعد موسم الإعلان عن الأرباح، سيتم تمديد التقديرات المستقبلية ثلاثة أشهر أخرى مليئة بالأمل، مما يسمح للسوق بالتقدم حتى من نقطة بداية مرتفعة الثمن.