معامل الإرتباط هو معيار إحصائي يبين درجة الترابط بين متغيريين او اكثر، يستخدم في إدارة الصنايق والمحافظ الاستثمارية بهدف المساعدة في تنويع كلا من العوائد والمخاطر المتوقعة . يتم تقييم معامل الارتباط ضمن مستويات +1 الى -1 ، النتائج القريبة من +1 تدل على علاقة إرتباط قوية بين المتغيرات والعكس تماما كلما أقتربت النتائج من -1 

 

المستثمر في الأسواق المالية في منطقتنا العربية قد يهتم بايجاد توازن وتنوع مثالي في محفظته الإستثمارية بحيث يساعده على تقليل مخاطر التقلبات التي تشهدها أسواق معينة عن طريق ايجاد توازن يتم من خلال اضافة اسواق أو أصول استثمارية أخرى اقل حدة في تقلباتها وتتمتع بمعامل ارتباط سالب او ضعيف مع غيرها من الأصول ، وكلما كان معامل الإرتباط بيع ذاك السوق كثير التقلبات وذاك السوق قليل التقلبات كلما كانت محفظتك الاستثمارية اقل خطورة ، وهنا لا بد من الاشارة الى ان مستوى المخاطر والعائد المطلوبة يختلف حسب السياسة الاستثمارية للشخص ، فكلما رغب في عوائد أعلى كلما كان اهتمامه بتقليل مستوى المخاطر اقل

 

رأينا هنا أن افضل طريقة لمعرفة درجة الترابط بين أداء الأسواق العربية هو أن ناخذ عدة فترات زمنية ونقارن بينها من حيث معامل الإرتباط والتغيرات التي تحدث بين فترة واخرى. الجدول التالي  يبين معامل الإرتباط لاخر 11 سنوات (2008-2018) بين تلك الأسواق المختارة وتم تحديد هذه المدة بهدف التعرف على سلوك تلك الاسواق قبل وبعد الأزمة المالية العالمية اواخر العام 2008 بالاضافة الى مقارنته مع فترات زمنية اقصر

 

بداية دعونا نتعرف على أداء أسواق المنطقة منذ العام 2008 وحتى نهاية العام 2018، الرسم التالي يشير الى تفوق كلا من سوقي مصر وابوظبي وقطر على باقي أسواق المنطقة ، حيث حققوا عوائد بلغت 34% و 13% و 6%على التوالي ، وفي المقابل ما زالت باقي الأسواق الأخرى عند مستويات أدنى من تلك المستويات المسجلة بداية العام 2008. سوقي ابوظبي وقطر كانا اول الاسواق التى تعوض خسائر العام 2008  وتحديدا خلال الربع الثان من العام 2014، بينما لحق بهما السوق المصري اواخر العام 2016 ليبدأ تحقيق عوائد اعلى من باقي الأسواق منذ ذاك الحين.

الجدول ادناه يبين ان اقوى درجات الترابط في الاداء بين تلك الاسواق موجود بين سوقي دبي وابوظبي ووصل الى 0.86 ، يليها معامل ارتباط قريب 0.65 بين سوقي الكويت والبحرين ، وفي المقابل كان معامل الارتباط ضعيف جدا بين كلا من السوق المصري وكلا من البحرين والكويت وكذلك معامل ارتباط ضعيف كان بين السوقين السعودي والبحريني  ، وبشكل عام نجد ان معاملات الإرتباط بين اسواق الخليج كانت بمتوسط 0.55 في حين ان ارتباط اسواق الخليج بكلا السوقين المصري والاردني اضعف نوعا ما ولا يتعدى متوسط 0.45 ، ويمكن القول ان متوسط معامل الإرتباط بين الأسواق المختارة كان متوسط القوة وبحدود 0.51 نقطة، كما لا يوجد اية ارتباط سالب بين اياً  من الأسواق المذكورة.

والان ناخذ فترة زمنية اقرب ولتكن السنوات الخمس الأخيرة 2014-2018، فما نلاحظه هو كالتالي:

- استمرار غياب اي إرتباط سالب بين ايا من الأسواق.

- بشكل عام تراحع متوسط معامل الإرتباط بين جميع الأسواق من 0.51 نقطة الى فقط 0.31 نقطة 

- السوق الأردني تراجع اتباطه مع أسواق المنطقة بشكل لافت خلال السنوات الخمس الاخيرة،متوسط تاثره باسواق المنطقة تراجع من  0.46 نقطة الى فقط 0.13 نقطة !، واعلى قيمة سجلت مع السوق البحريني ولم تتعدى 0.18 نقطة 

السنوات الثلاث الاخيرة (2016-2018) شهدت ايضا: 

- تراجع كبير في متوسط الإرتباط بين الأسواق التسع الى .015 نقطة فقط 

- ظهور اول مؤشرات ارتباط سلبية وخاصة بين السوق القطري من جهة وباقي أسواق المنطقة

وخلال السنة الأخيرة 2018 نلاحظ ان المتوسط العام لمعامل الإرتباط بين تلك الأسواق قد استمر في التراجع ليستقر حاليا عند 0.09 فقط، كما تستمر الأرقام السالبة في الظهور وبشكل اوضح مقارنة بالفترات الاطول وخاصة بين أداء السوق القطري من جهة وبين أغلب الاسواق بشكل عام والاسواق الخليجية بشكل خاص. 

واخيرا نستعرض في الجدول التالي ملخص لاهم التغيرات التي حدثت على معاملات الارتباط بين الأسواق التسع منذ العام 2008 وحتى نهاية العام 2018 وسنلاحظ التالي:

-  هناك تراجعات تقدر بـ 42 نقطة في متوسط معاملات الارتباط بين جميع الأسواق المذكورة.

- هناك تراجعات شاملة في معاملات الارتباط بشكل عام باستثناء العلاقة بين سوقي الكويت والبحرين و كذلك معامل الارتباط بين كلا من السوق المصري والسوق الأردني.

- سوق مسقط للأوراق المالية خرج من منظومة الأداء المتقارب مع باقي أسواق الخليج وتراجع  إرتباطه مع تلك الأسواق بمعدلات عالية جدا وصلت الى 100 نقطة مع  السوق السعودي و 92 و 80 نقطة  مع كلا من سوق ابوظبي وسوق دبي على التوالي، بينما حافظ على نفس معدلات إرتباطه مع كلا من السوق الاردني والمصري.

- معامل الارتباط بين كلا من سوقي قطر والسعودية ترجع بنسبة 82 نقطة  مقارنة باخر 10 سنوات.

ملخص عام :

- هناك تفاوت متباين في معاملات الإرتباط بين أسواق المنطقة مما بوفر للمستمثر حيزا معقولا لبناء محفظته الإستثمارية ضمن توزيع جغرافي مقبول يساهم في توزيع المخاطر.

- فرصة الاستفادة من الفروقات في معاملات الإرتباط التي تحكم تلك الأسواق تكون كبيرة وواضحة في حال اختبار استراتيجية استثمار قصيرة الآجل، وتبدأ اهمية التوزيع الجغرافي داخل المنطقة تتراجع كلما طالت الفترة الزمنية للاستثمار.

- أسواق مصر والأردن قد تكونان خيارا انسب للمستثمر الخليجي بحكم تمتعهما باقل معاملات ارتباط مع الأسواق الخليجية بشكل عام باستثناء السوق السعودي.